مع بلوغ موعد رفع هذه السطور، ستكون لندن، حيث أقطن، قد بدأت شيئًا فشيئًا الخروج من سنة شهدت كمًّا كبيرًا من القيود والإغلاقات العامّة، وذلك تزامنًا مع الوعد ببرنامجِ تلقيحٍ طموح للمملكة المتّحدة، وتعهّدِ بوريس جونسون الطنّان بمتابعة “خريطة الطريق نحو الحرّيّة”. ها نحن نجلس في تخبّطِ ما بعد الخروج من الاتّحاد الأوروبي، نراقب – في موقف لا يخلو، وبكلّ صراحة، من شيءٍ من الشماتة – إحصاءات كوفيد المتذبذبة في القارة العجوز- متمسّكين بتفاؤل أعرج ببلوغنا آخر النفق في المملكة المتّحدة بعد طول انتظار. وقَّتَ نذير الشؤم في السنة الماضية وبشير الحرّية في الوقت الحالي قدومهما بحلول النوروز – رأس السنة الإيرانيّة المحتفل بها من قبل عدد كبير من الشعوب والدول في المنطقة الإسلاميّة الشرقيّة. هي سنة جديدة، وبداية جديدة، ولكن أهي مليئة بالأمل؟
لقد تعلّمنا الكثير خلال سنةٍ، منها القدرة على التمسّك بالأمل، فنحن مبرمجون كي يغمرنا الأمل عند دخولنا حقبة جديدة، لدرجة يشكّل عدم الشعور بهذا الدفء الداخلي مصدرَ زعزعة. بدأ الأمر بخططٍ مؤجّلة. فمع زملاء جامعيّين إيرانيّين، تحسّرنا على إلغاء الاحتفال بالنوروز، ولكنّنا حافظنا على فرحنا، على أمل إقامة جمع خلال الصيف بمناسبة نهاية العام الدراسي قُبيل تيرغان، واثقين بأنّ الجائحة لن تكون سوى مشكلة ظرفيّة. مع مرور الوقت، بدا لي ولمحيطي بشكل جليّ أنّه من الأفضل الرهان على عودة الأمور إلى طبيعتها خلال الفصلين الباردين. لكن، عند حلولهما، بات واضحًا أنّه من الأفضل عدم التفكير أبدًا “بالمستقبل القريب”.
حَثّ انتظارنا “بكيتيا” أي انتظارنا لغودو لمدّة سنة، عددًا كبيرًا منّا على تحسين الذات. سريعًا ما تبع الإغلاق العام العالمي سيلًا من الحصص الدراسيّة بأسعار “مخصومة” على شبكة الإنترنت حول مروحة واسعة من المواضيع تبدأ بالورق البردى المصري ولا تنتهي بالتأمّل الفيدي. خلال هذا البحث عن حلولٍ للحيوات المحرَّفة، ظهرتْ جليًّا المقاومةُ الإنسانيّة للقدر، والتي غالبًا ما كانت موضع استهزاءٍ في التراجيديا اليونانيّة القديمة. ومهما كان الدافع وراء اتّخاذ القرار، أكان الاستفادة من الفرصة النادرة للاهتمام بمشاريع مؤجّلة أو الرغبة في تفادي هدر الوقت، كَمَنَ قلقٌ عميق ومكتوم خلف النشاطات التي لاحظنا فجأةً أنّه يمكن أو يجب القيام بها خلال عزلتنا الجبريّة.
عادة ما تشكّل كلمة “قلق” إحدى أولى المفردات التي يتعلّمها طالب اللغة العربيّة في الكتب التمهيديّة. أتذكّر بوضوح متى التقيت للمرّة الأولى بهذا الجذر الثلاثي، وأين، وبأيّ كتاب. تألّق – أقّله بالنسبة لي – وسط الجذور الثلاثيّة الأخرى المقترحة والتي تشكّلُ ركنًا من أركان نسيج اللغة العربيّة. إذ، من أجل لفظ كلمة “قلق”، كان على اللسان أن يبدأ في أسفل حنجرتي، وأن يمضيَ قدمًا ليلمس سقف حلقي، ليعود أدراجه إلى نقطة الانطلاق. ذُهلتُ لروعة الحركة وللتماثل الذي تقدّمه داخل الجوف الفموي البشري. بَدتْ لي القافُ دائمًا واثقة، وثابتة العزم، وبالأخصّ منطقيّة، في حين يظهر على اللام التردّد واللين والعاطفة. وعلى الرغم من كوني مبتدئًا، لم أكن بحاجة إلى اللجوء إلى الترجمة كي أفهم الكلمة، حتّى وأنّي شعرت تلقائيًّا أن الترجمة المعتمدة بالإنكليزيّة، “worry”، لم تكن تعكس القوّة الصادرة عن لفظ الكلمة باللغة العربيّة. لاحقًا، تعلّمتُ أن كلمة “قلق” كانت من بين الجذور العربيّة القليلة التي تكون فيها فاء الكلمة ولامها متماثلتين، وقد تكون مشتقّةً من جذر سابق ثنائي يضمّ فقط قافًا ولامًا.
تشكّلُ اللغة العربيّة لغةً غنيّة تكثر فيها المرادفات (أو لربّما يجدر بي القول المرادفات المتقاربة). تتوفّر كلمات عديدة أخرى تعبّر عن حالة “القلق”، مثل “تشويش”، و”اضطراب”، و”بلبلة”. لكنْ، أيٌّ منها لا يشبه “قلق” في المقام الأوّل، لأنّ هذه الكلمات إمّا مشتقّة من جذر آخر، أو تذكّرنا بجذر آخر. تشكّل كلمتَا “اضطراب” و”تشويش” مصدرين لأفعال مشتقّة من جذر آخر، وهي بذلك “مثقلة شكلًا”، في حين أن “بلبلة” تذكّرك بالعاشق المتيَّم، الذي يُرمَز إليه بالبلبل، في قسم كبير من الأدب الإسلامي. أمّا “قلق”، فهو جذر لا يشير إلّا لنفسه. يذكّرني الطابع اللغوي “المطْلَق” بأسباب تفضيل الشاعر البرتغالي فيرناندو بيسوا النهر في قريته على مجرى نهر تاجة الكبير.
O rio da minha aldeia não faz pensar em nada.
Quem está ao pé dele está só ao pé dele.
“لا يدفعك النهر في قريتي إلى التفكير بأيّ شيء.
من كان بالقرب منه، كان فقط بالقرب منه”.
كما تختلف كلمة “قلق” عن الكلمات الأخرى بقدرتها على تكوين نعت، “قلقان”، في اللغة المحكيّة، على وزن “جوعان” و”عطشان” – وهي نعوت تشير إلى حالات جسديّة ونتائجها النفسيّة. بذلك، يُشكّل “القلق” الحالة الوجوديّة والصميميّة مستقلّة عن المداخلات اللغويّة الأخرى والشاملة لمجموعة من الارتباطات المفرديّة في آن: الاضطراب، وعدم الاستقرار، والهلع، والخوف، والفزع…، والمكوّن ببراعة وبالحدّ الأدنى من خلال رقصة اللسان البشري. قادني فضولي اللغوي إلى البحث عن كلمات متشابهة لـ”قلق” في لغات ساميّة أخرى، غير أن جهودي لم تفلح، إذ تبيّن أن كلمة “قلق” بالعربية، على ما يبدو، فريدة اصطلاحيًّا في بحر اللغات الساميّة، مع غموض يلفّ أصلها. قد يكون للكلمة اشتقاق في اللغة العربيّة – وهو فعل “قَلْقَلَ”، والذي يصف عمليّة “الخضّ” و”الاضطراب”، في ترداد للأصوات يُشبه الـ”قلق”. وفي حين يلفّ الغموض العلاقة بين “قلقلَ” و”قلق”، تُعجبني فكرة أن الكلمة التي تدلّ على الاضطراب النفسي هي التي أفرزت الكلمة التي تُعبّر عن الاضطراب الجسدي من خلال التشديد اللفظي. يمنح اللبسُ في أصل كلمة “قلق” نوعًا من أنواع الشموليّة الاصطلاحيّة، ما يصنع منها وجودًا دلاليًّا فريدًا في اللغة العربيّة.
نحن البشرُ في بحثٍ دائم عن الاستقرار. يندرج التوق لمكان يُشعرنا بالأمان والراحة في الشيفرة الأساسية لحمضنا النووي، ويعود إلى بدايات وجودنا قبل عشرات آلاف الأعوام. يعتقد الزردشتيّون أن الإله الأبدي، الواحد والأحد، أهورا مزدا، أو “الرب الحكيم”، قد أنشأ العالم من خلال ضبط كلّ شيء – النجوم، والنبات، والحيوانات، والإنسانيّة… – بنظام صحيح تغيب عنه الحركة تقريبًا. إن “دا” في اسم الرب الحكيم يأتي فعليًّا من جذرٍ هندو ـــ أوروبي قديم يعني “ضبط، وضع”، مع معنى آخر هو “الخلق”. ليست حركة الكون، المسؤولة عن فوضى البشريّة وبؤسها، سوى النتيجة المباشرة لمحاولات الشيطان أهريمان الدائمة لزعزعة النظام الصحيح الذي خلقه أهورا مزدا.
في العالم الذي يحوم في الفلك الفارسي، أي المنطقة الإسلاميّة الشرقيّة التي تسيطر عليها الحضارة الفارسيّة الإسلاميّة وتؤثّر فيها، يجري التعبير عن مفهوم الاستقرار على المستوى الشاعري من خلال كلمة “قرار” شائعة الاستخدام، والمستعملة أيضًا بشكل واسع في اللغة العربيّة الحديثة بمعنى “الرأي” كما عند قولنا “اتّخاذ القرار”. حافظتْ ألفاظ دخيلة عديدة من اللغة العربيّة إلى اللغة الفارسيّة ومنها إلى لغات أخرى متأثّرة باللغة الفارسيّة، على معناها الأصلي في هذه اللغات، في حين أنّه باللغة العربيّة الحديثة، اكتسبت معاني أخرى باتت أكثر شيوعًا. “قرار” هو إحدى هذه الكلمات. يمثّل الجذر “قرر” كلّ ما لا يمثّله “قلق” – الثبات والثقة والشعور بالاستقرار الكبير في وضع معيّن، أي بتعبير آخر، النظام الكوني المثالي الذي خلقه الرب الحكيم الزردشتي، أو الوجود الفردوسي الابراهيمي للبشريّة قبل التدخّل الإبليسي. في الشعر الصوفي الفارسي، يُقارَن وجود الإنسان بعيدًا عن الله بعاشق متلهّف واهن بسبب الانفصال الدائم عن حبيبه. ما يُثير الاهتمام هو أن كلمة “قرار” تبدأ هي أيضًا بحرف القاف الذي يدلّ على الثقة، تمامًا كما هو الأمر بالنسبة إلى “قلق”؛ وينتقل اللسان في الحالة هذه إلى مقدّمة الفم، ولكن، عوضًا عن الانسحاب، يُكرّر فعلتَه – حرف الراء – كما لو يُشير إلى مدى تصميمه، والإعلان عن استقراره، فيستقرّ بثقة في “مقرّه” – أو “قرارگاه” بالفارسيّة وباللغات الإسلاميّة الشرقيّة الأخرى.
بالطبع، إن الإيحاء بوجود علاقة جوهريّة بين الصوت والمعنى ليس سوى هرطقة لغويّة، غير أن هناك البعض من الشاعريّة في تأمّلات كهذه. هنا، تخطر كلمة sossego البرتغاليّة على البال، وهي تدلّ على حالة من الطمأنينة والسلام الداخلي والخارجي – وهو الأمر الذي يصعب على كثيرين الحصول عليه خلال هذه الأوقات العصيبة. تأتي كلمة sossego من الكلمة اللاتينيّة sessus أي الجالس وهي بذلك دلالة على ربط اصطلاحي بين الوضعيّة الثابتة وراحة البال، ما يردّنا إلى معنى “قرار”. يذكّر تكرار حرف الـ”s” بانسياب جدول ماء تجلس بالقرب منه متأمّلًا، أو حفيف أوراق شجرة في ليلة دافئة تشهد رياحًا خفيفة: الطمأنينة – كلمة هجرت وجودنا منذ زمن.
في الطمأنينة (quietude بالإنكليزية) سعادة لا توصَف. تختلف السعادة عن الفرح، الذي يُشار إليه في أحيان كثيرة بالصوت والحركة، وهو بذلك آني. أمّا السعادة فهي ثابتة. لربّما يفسِّر ذلك كون السعادة هدفًا يمكن السعي وراءه “إلى أبد الآبدين”. فعليًّا، اشتقّت الكلمة الانكليزيّة quiet من اللاتينيّة quietus، من الجذر الهندو ـــ أوروبي عينه للكلمة الفارسيّة shād (سعيد). وبذلك، ليس مستغربًا أن نقول، باللغة الفارسيّة، “روحشان شاد”، “لتكن روحه/ـها سعيدة” عند وفاة الشخص. باللغة الفارسيّة القديمة، كان معنى كلمة shād “مرتاح” قبل التطوّر نحو المعنى الحديث: “سعيد”. في الغرب، يعني ذلك requiescat in pace “ارقد بسلام” (اشتقاقًا من الجذر quie-، وهو أيضًا جذر كلمة quiet الانكليزيّة)، في الوجود السماوي غير المدنّس والذي فقدته الإنسانيّة على الأرض هذه.
ܥܠܘܟܘܢ ܫܠܡܐ، שלום עליכם، – السلام عليكم. يُشير هذا التعبير الشائع في اللغات الساميّة، والذي يهدف إلى الترحيب، إلى قلق البشريّة العميق حول اللااستقرار. يتضمّن الجذر الثلاثي “سلم” معنى الخلو من الإصابة، والأمان، والحفاظ على السلامة، وشكَّلَ اسمَ إله يُدعى سلام، كان يعبده الأشوريّون والعرب ما قبل الإسلام. مثَّلَ الالهُ سلام كلّ الأمور الجميلة والجيّدة، مذكّرًا بالعالم المثالي ما قبل الحركة الذي صمّمه الرب الحكيم الزردشتي الذي يتناقض نوره كلّ التناقض مع ظلمة الشيطان أهريمان. بعد بروز الإسلام، أُسند إلى الله الأوحد والأحد أيضًا هذا الاسم من ضمن أسماء الله الحسنى.
Πάντα ῥεῖ pánta rheî “كلّ شيء ينساب”: هذا ما قاله لنا هِرَقْليطُس قبل أكثر من ألفيّتين. في ثقافات عديدة، يُقارَن الكون الذي يحتوي على العالم بعجلة تدور يُطلِق عليها الفُرس اسم “چرخ فلک” (charkh-i falak)، حيث تُشكّل الحركات المفرطة مصدر قلق دائمٍ. ليست هذه الصورة غامضةً بالقدر الذي نعتقده، إذ إن توالي الليل والنهار، بالإضافة إلى تغيّر الفصول، لا بدّ أن لاحظه أجدادنا الذين أقرّوا به. من حسنات النقص الدائم في “القرار” هو أنّه ما من حقيقة تستمرّ إلى الأبد – من يعرف ما إذا كان في الدوران المقبل للعجلة، سيصبح الوضع السيّئ الذي تواجهه مؤاتيًا؟ على عكس ذلك، من يمكن أن يضمن أن الفرح العارم القائم حاضرًا لن يتحوّل إلى بؤس مستقبلًا؟ من يعرف؟ – سؤال وجيه. نرغب في المعرفة، لا سيّما في ما يتعلّق بالمستقبل، فكلّما حصلنا على معلومات موثوقة، كلّما زادت الطمأنينة، وكلّما خفّ منسوب القلق في حياتنا. نخشى المجهول لأنّنا نخشى بالتحديد البلبلة الناتجة عنه. فمع ذلك لا يمكننا أن نعرف. فنحن بشرٌ والله أعلم. يكمن الملاذ الأخير لنا من أجل إيجاد الأمن والسلام، الخلاص الأخير لوجودنا من القلق، في الاجتماع بالعليم والسلام، وهّاب الطمأنينة عند نهاية أيّامنا، وفي الحصول على البقاء.
يتوق الصوفيّون منذ الأزل إلى العودة للوجود المطمئن للخالق بعدما نُفيت البشريّة إلى هذا العالم البربري الفوضوي… غالبًا ما يملك الشعر الصوفي نبرة حزن من شأنها أن تؤدّي إلى راحة البال، أو ألّا تؤدّي إليه، وفقًا لتفضيلاتك. ولكن، ما هو متوافَق عليه هو التعليم القائل بأنّ علينا الانصراف عن الروابط الدنيويّة من أجل الاجتماع مجدّدًا بالمُطْلَق، الحقّ. ينصح مولانا البلخي، المعروف بالرومي، كّل من يرغب باعتماد الطريق الروحيّة الصحيحة:
هم خویش را بیگانه کن هم خانه را ویرانه کن
ham khēsh rā bēgāna kun ham khāna rā vayrāna kun
“اجعل من ذاتك غريبًا ومن بيتك ركامًا”.
تتجانس الكلمات هذه مع ما ينصح به كريشنا، الأفاتار الأوّل للإله الأكبر في الهندوسيّة، أرجونا، رمز جميع الفانين، في بهاغافات غيتا:
भव…
निर्द्वन्द्वो नित्यसत्त्वस्थो
निर्योगक्षेम आत्मवान्
bhava…
nirdvandvo nityasattvastho
niryogakṣema ātmavān
“كن… حرًّا من الثنائيّات، واثبت في التناغم، من دون مقتنيات أو ممتلكات، وكن مستقرًّا في الذات”.
يشكّل القلق حالة الأسر بين الثنائيّات: المعروف والمجهول، المقتنى وغير المقتنى، الحاضر والغائب، الماضي والمستقبل… نشعر بالعجز فيما تتنقّل أذهاننا وأجسادنا بين الندم والأمل، بين الحنين إلى الماضي والترقّب، بين التعويض والعزم. في هذا السياق، يحمل الزردشتيّون من إيران ما قبل الإسلام نصيحة لنا، مقتضبة ولكنّها عميقة، في كتاب Handarz ī Āturpāt Mahrspandān “نصائح حكيمة لآذرباد، ابن مَهرسبَند”:
ān uzīd framōš kun ud ān nē mad ēstēd rāy tēmār bēš ma bar.
“انسَ ما قد فات، ولا تقلق بشأن ما لم يأتِ”.
بعد مرور قرون، كرّر عمر الخيّام مثاليّة الوجود العابر للأزمان في عدد كبير من رباعيّاته، على غرار:
هرگز غم دو روز را نباید خوردن
روزی که نیامده و روزی که گذشت
Hargiz gham-i dū rōz rā nabāyad khurdan
Rōz-ē ki nayāmada u rōz-ē ki guzašt
“لا يجب أبدًا القلق على يومين:
اليوم الذي لم يأتِ واليوم الذي فات”
لربّما يشكّل ذلك أساس الرزانة التي تُحرّرُنا من قيود الماضي والمستقبل، وتعيدُ قدرتنا على ما يمكن القيام به وما يمكن معرفته – الحاضر؛ يذكّرنا هذا بشكل دائم بأنّ قرارنا (بمعنى سلامنا) الداخلي يعتمد على قرارنا (بالمعنى الرائج للكلمة في اللغة العربيّة) في مواجهة الظروف الخارجيّة. لا تعتمد كيفيّة النظر إلى أنفسنا وإلى حياتنا فقط على تفاعلنا مع العالم الخارجي، بل أيضًا على تفاعلنا مع أنفسنا. نجد أن هذا أفضل مصدر للاستقرار الذي نبحث عنه كبشر ونخلقه في أنفسنا. إنّه النوع الوحيد من الاستقرار الذي لا يقبل الزعزعة من أي قوّة خارجيّة وهو النوع الوحيد من الاستقرار الذي يتأقلم مع الظروف الخارجيّة ويحافظ على ثبات معرفتنا وذاتنا، وسلامتهما، وسعادتهما – “شاد، مقرّر، سالم، أو بالسنسكريتية आत्मवान ātmavān.
ترجمة: برونو برمكي