ضبط النفس: بين النار والمتاهة جيسون محقق في مقابلة مع دانا داوود

دانا داوود

المكعب، تقريباً ١٩٤٣ - ١٩٤٥ - هانس بيلمر

جيسون محقق هو أستاذ مشارك في الأدب المقارن والفلسفة في جامعة بابسون. تستعرض أعماله الحركات الشعرية والفلسفية والفنية الصاعدة عبر الشرق والغرب، كما وتركز على مفاهيم الفوضى، الوهم، العنف، الاختفاء، الهذيان، الصمت، الجنون، القيامة، الليل، والمستقبل. له تسع كتب منشورة، من ضمنها: ’’الخيال الفوضوي‘‘ (منشورات بالغريف، ٢٠١٠)؛ ’’تسبّبات:كتابة العنف‘‘ (منشورات بلومزبري، ٢٠١٢)؛ ’’الضمني الجذري‘‘ (منشورات روتلدج، ٢٠١٣)؛ ’’متمرّد، شاعر، متصوّف، طائفي: الأقنعة الأربعة لما بعد حداثية شرقية‘‘ (منشورات أس يو أن واي، ٢٠١٤). مؤلفاته الأخيرة تحمل عناوين ’’الانقراض البشري: الهوس، القدرية، والمستقبل في هذيان‘‘ (منشورات أم آي تي برس / أوربانومك / سيكوينس، ٢٠١٩) و’’ الليل: فلسفة ما بعد الظلام‘‘ (منشورات زيرو بوكس، ٢٠٢٠). كما ويشغل محقق منصب مدير ’’ برنامج دراسات المستقبل‘‘،وين؟؟؟ وهو مدير الدراسات العابرة للتخصصات في’’المعهد الجديد للأبحاث والممارسة‘‘، ومحرر مشارك لسلسلة كتب ’’سسبنشنز‘‘ (منشورات بلومزبري)، ومؤسس مختبر الاختفاء الخامس.

دانا داوود هي فنانة وكاتبة تستكشف أنماط مختلفة من التفكير من خلال الفن التشكيلي، الكتابة، والأفلام. تعمل حالياً على مشروع ’’ خوذة المتعة‘‘، وهو بودكاست شهري تجريبي يجمع بين ما هو فنّي وأكاديمي وباطني.

دانا داوود: نواجه في هذا المنعطف الزمني انكماشاً فكرياً وروحياً، ونتسأل: أين الطريق إلى الطريق. عادة ما تبدأ النظريات التي تدعو إلى فهمٍ كلّي للنظم السياسية والاقتصادية بفرضيات خاطئة ولا تصل بالتالي إلى نتيجة؛ هذا هو بالضبط سبب وجودها في نوع من الجمود.

تصوُّر إقتصادات مستقبلية قائمة على الثنائيات، كالحاجة مقابل الرغبة مثلاً، يتطلب منا أن نتخلّص من الاقتصادات الفعلية المتعددة التي تفيض عن رغباتنا وحاجاتنا. هناك اقتصادات الحرب، اقتصادات الظل، اقتصادات الانهيار—وهي موزّعة بطريقة متفاوتة وتتخلّلها قطائع وفورات وشقوق. في كتابك ’’الانقراض البشري: الهوس، القدرية، والمستقبل في هذيان“، تبتدأ واحدة من المتاهات العديدة التي تبنيها بمقطع من قصيدة لمحمود درويش: ’’قلبي فائضٌ عن حاجتي، متردِّدٌ ما بين بابَيْنَ : الدخولُ هو الفُكَاهَةُ، والخروج هُوَ المَتَاهَةُ‘‘. ماذا يعني الخروج من المتاهة؟

جيسون باهبك محقق: لنبدأ من العنصر الأكثر شؤماً في هذا الطرح: أن تستيقظي في متاهة يعني أن تجدِ نفسكِ في بناء هندسي من تصميم شخص آخر، وأن تكوني بالتالي ألعوبة لعوائق مشكّلة مسبقاً ومصمّمة ضد مستوطنيها. بخلاف شخصيات سيد اللعبة أو صاحب الأحجية أو صانع الألغاز الذين يأملون فعلاً أن يتمكن عملائهم من تخطي تحديات معقدة، نتصوّر بهجة المشرف الذي يضع التعقيدات فقط من أجل الإدانة ومن أجل مشهدية تجوال عبثي. أمنيته هي إما في إطالة الفشل إلى الأبد أو في أن يقتلك هناك—في ظل استسلام وإنكسار وإرهاق.

١. لذلك، فإن الدافع الاستراتيجي الأول للنجاة من المتاهة هو ضبط النفس: وبشكل أكثر تحديداً، كبح جماح الرغبة في التحرك وبالتالي التحرّر من رد الفعل المذعور نحو الفرار / البحث / الهروب. بدلاً من ذلك، على المرء أن يقاوم السقوط أكثر في منطق الفخ الخاص بالمتاهة، حيث تغرق كل خطوة بشكل لا رجعة فيه، وأن يفكّر تالياً في إحتمالية اللا مخرج، اللا أفق، اللا مهرب. نتعلم هذا الدرس من المينوتور—وهو التجسيد المثالي للتقشّف: لا أصدقاء، لا أثاث، لا ألقاب أو زخارف تزيينية في المحيطالذي يعتاد على أحادية اللحم والحجر المحض. ضبط النفس هذا، الذي يصادر كل أحلام الخارج، هو تأكيد قاتل: إنه يمنحه السيطرة المطلقة على كل من يدخل؛ يمنحه تركيزاً نادراً وقاتلاً يجمع بين غريزة حيوانية ووعي وحشي.

٢. ثانياً، يجب أن نعتبر العلاقة الخفية بين ضبط النفس والاندفاع كتكتيك ذو طبيعة خاصة بالمتاهة. إذا درس المرء الطقوس القديمة للمآدب أو المهرجانات أو حتى الاحتفالات الكبرى لأكلة لحوم البشر ’’الإنغماس، الإفراط‘‘، يلاحظ أن ساعة الالتهام غالباً ما تسبقها فترات طويلة من الصيام (الحرمان). لذلك يتأرجح النوّاس بين الضَوْر والتفجّر، تماماً مثلما يولّد احتواء الماء أو الهواء هطول الأمطار الغزيرة.

ولهذه الغاية نفسها، يوجد بالفعل سرٌّ متأصّل في تصوير المحارب الهادئ في تقاليد السرد القديمة، فهذه الملاحم غالباً ما تتخيّل المحارب يتجول على طول الشواطئ المقفرة أو يسكن بمفرده لسنوات في القلاع الجبلية. دائماً ما تفضي صوَر الخمود المطوّل هذه إلى غيظٍ لاحقٍ يهزّ أكواناً عند عودة ظهور المحارب. هذه ليست نظرية عن حفظ الطاقة، بل هي بالأحرى تراكم طاقات محتملة—الاكتناز، والتكديس، ثم إسقاط الشدّة المتقلبة—فكما قال أحد الفنانين الغامضين: ’’ وحدها الشدّة لا تكذب‘‘. علاوة على ذلك، فإنها تربط أيضاً ضبط النفس بمفهوم انتظار الوقت المناسب: عملياً، توفيت جولات معينة وانتظار اللحظة المناسبة للقفز/ الانقضاض (البراعة في كلٍّ من الغيظ والحرفة). هذه ليست فلسفة خمود، بل هي فلسفة مضاعفة الفرص.

٣. ثالثاً، دعينا نتبع هؤلاء الزهّد—الرهبان، المتصوفون، ممارسي الفنون القتالية—إلى المسافات البعيدة حيث أقاموا عهود الصمت، تفقير الذات، جلد الذات، أو احتقار الذات كطرق للنشوة الإلهية. يجب أن نفهم أن أكثر الأشكال حدّةً لهذه الممارسة لا علاقة لها بالتقوى ولا بالتواضع أو العبادة المتعالية، بل هي عبارة عن رهانات متمادية في المجازفة لنيل الربح المطلق، أي الصيرورة إلهاً. ومن ثم فإن مثل هذه القواعد القاسية لضبط النفس—التشويه، الجوع، العزلة، القذارة—لم تكن غير مقامرة وصلت رهاناتها إلى الحد الأقصى للحظ، أي تأليهه.

مع تحديد هذه المسارات الأولية، أود فقط أن أضيف هذه الملاحظة الأخيرة: يمكن لضبط النفس في ظروف متعددة أن يمارس صفة تخريبية عميقة من حيث أنه يوقف حركة عالمٍ متكررٍ. بتعبير أدق، يوقف استبداد المماثل عن طريق تعطيل العادة (انهيار أساطير الهوية)، والخلافة(انهيار أساطير القوة)، والسببية (انهيار أساطير الواقع). وهكذا، نعود إلى هؤلاء المتصوفين أنفسهم الذين تكمن جذريتهم في مبادرتهم الابتعاد عن العالم. بقول آخر، يجب على المرء في بعض الأحيان لمغادرة المتاهة أن يتخلى / ينسى أولاً فكرة المتاهة نفسها؛ هذا النسيان هو هو ضبط النفس بملء الإرادة.

د.د.: المسارات التي ترسمها لإزالة استبداد المتاهة تشير إلى المشاهد الزمنية التي تتوسط التراص الكثيف للإمكانيات وإلى رمي النفس في الصدفة. ما هي الأشكال التي تتخذها هذه الزمانيّات—هل هي موجودة في مكان ما يستمر في التدهور نحو لحظات أبدية من الاحتمال، أم أنها استعراض من الزمانيّات الحاضرة التي تدفعنا قدماً إلى المستقبل؟ علاوة على ذلك، كيف يمكن فهم فلسفة الصدفة؟

ج.ب.م.: هذا السؤال يحثّنا على وصف فلسفات مختلفة من ’’ الزمن المقيّد ‘‘، وأن نتسأل كيف، للمفارقة، يمكن لممارسات معينة من الربط والالتحام والتشديد (معيار التعويذة) أن تفتح زمانيّات سرية. إن البوابة الأولى لأي سرية هي دائماً تعهدٌ بضبط النفس.

لنبدأ إذاً بتخيّل خمس قوى فريدة تواجدت عبر الزمن، وإلى جانبها خمسة ممارسين معينين لهذه القدرات: ١- من صدّى الزمن؛ ٢- من جمّد الزمن؛ ٣- من جعل الزمن يرتد؛ ٤-من نحت شقوق إضافية في الزمن؛ ٥- من فاجأ الزمن (من خلال فعل في غير أوانه). بلا شك، يجب على كل شخصية من هذه الشخصيات ضبط بعض عناصر تجربتها من أجل اكتساب مثل هذه التقنيات الاستثنائية، تماماً كما يموت الشهداء صغاراً من أجل الوصول إلى خلود بديل باستخدام الانكماش الوجودي بطريقة تسمح لهم بلعب لعبة الأبدي الطويلة. وعليه، نسأل مرة أخرى: ما الذي يجب أن يذعن المرء أولاً (ثمن ضبط النفس) من أجل التلاعب بكل من تلك الزمانيّات المحجوبة المذكورة أعلاه؟

إن الحديث عن الصدى، يعني التفاعل مع مشهد زمني من الأصداء الجزئية، والتي يصل معظمها بعد فوات الأوان، فيما يضيع أثر مصادرها. أما الحديث عن المجمَّد، فهو يعني التفاعل مع مشهد زمني من الحيويّة المعلّقة، حيث تتجمّد عقارب الساعة النحيلة وتحاكي الظواهر حالات الركود المطلق. وأما الحديث عن الارتداد فهو يعني التفاعل مع مشهد زمني من الاصطدام المرن، أي إخضاع جميع المسارات للالتفاف والانحراف، ولغلبة الزاوية، في حين أن كل شيء يتحرك وفقاً لهندسته الفوضوية. وأما الحديث عن النحت فهو يعني التفاعل مع مشهد زمني من الشقوق الصغيرة، تلك التي تمدّد الأحداث بفاصل ثوانٍ، وبالتالي شراء نفسٍ مسروقٍ إضافي واحد مع مرور كل لحظة. وأخيراً، فإن الحديث عن اللا أوان فهو يعني التفاعل مع مشهد زمني من المتسللات والكمائن الفاقدة للصلة، حيث يعاقِب هؤلاء الهاربون الذين حددوا أنفسهم بعد وفاتهم كل لحظة متكبّرة بارتعاشات غير المتوقع، اللامثيل له، والذي لا حق له بأن ينوجد أصلاً.

لكن الآن، دعينا ننتزع مدارس الزمن المقيّد الخمس من التجريد ونكشّفهم عبر محور عميق، معروف لكلٍ من أحلكِ البيئات الشمولية (السجن)والعوالم المنهارة للدول الفاشلة (الشغب). ما الذي يجب أن يقدّمه كل من الشخصيات التي ذكرناها للبائسين في الزنازين الرطبة أو لأولئك المرميّين وسط الحطام؟ ما القوة العزاء هذه التي تقدمها الزمانيّات السرية للمصائر المستوية في انعدام آفاقها لكلٍ من المعذّبين والمدمّرين والمشرّدين؟ يمكننا أن نتخيل الصدى كشيء يهرّب الرسائل من وإلى غرفة الحبس الانفرادي؛ المجمَّد كالذي يسمح بإلقاء نظرة خاطفة أخيرة على مجتمع يحترق؛ الارتداد كوسيلة لحرف التأثيرات القاسية إلى مكان آخر أو أي مكان؛ النحت كنافذة ضيقة لتذوق العالم العابر تحت الحصار أو الحداد عليه أو لعنه؛ واللا أوان كالرؤية التي تبيّن تلك العوالم التي يمكن تصورها رغم أنها لم تولد قط والتي تتراكم في أرشيفات الافتراضي. هم أيضاً لديهم حساباتهم، في بعض الاحتمالات الصامتة.

لذلك، ليس من قبيل المصادفة أن ثلاثة من أكثر المؤلفين شهرة في المنطقة العربية، الذين تحمّلوا الحرب الأهلية اللبنانية في الوقت نفسه ومن مواقعهم المختلفة في بيروت، سيؤلفون صوراً ظلّية للمدينة المتضررة تختبر مثل هذه الآثار من اضطراب الزمن. يكتب محمود درويش: ’’ الساعة الثالثة. فجر محمول على النار. كابوس يأتي من البحر. ديوك معدنية. دخان. حديد بعد وليمة الحديد السيد. وفجر يندلع في الحواس كلها قبل أن يظهر‘‘[1] تكتب غادة السمان: ’’ حينما طلع ضوء الفجر، كان كل منا يتأمل الآخر بدهشة: كيف بقينا أحياء؟ كيف نجونا من تلك الليلة؟‘‘[2] يكتب أدونيس: ’’طول سنوات الحرب الأهلية، خصوصاً في أيام الحصار، تعلمت أن أقيم علاقاتٍ ودّية مع الظّلمة، وأن أعاشر ضوء آخر، لا يأتي من الكهرباء، ولا من ضوء المصباح الغازيّ أو مصباح الكاز. هذه العتمة إضاءة سرّية تقتلعك حتى من ظلك، وتلقي بك في بُؤرةٍ من التفجّر النّورانيّ.‘‘[3] هؤلاء المؤلفون هم أنبياء يتمتعون بضبط نفس شديد، ويتغاضون عن أثر قرون كارثية بوعي من خارج هذا العصر؛ نحن نلعب دور التنصت على كلماتهم القلقة من أجل تتبّع خطى مثل هذه الزمانيّات الظلالية.

كل هذه التكتيكات لها تطبيقات بالغة الأهمية في أكثر الأماكن دماراً، سواء داخل الزنزانة أو في الشارع. إنهم يطالبون بمقايضة رهيبة من نوع ما من فاعليهم، لأنه غالباً ما يتم كسب الزمانيّات السرية ببيع حصصنا المتبقية من الزمن الخطي. هكذا هي الحرب التي لا هوادة فيها بين التسلسل الزمني وأحلامنا المفضلة عن الهذيان / الهروب، وهو التذكير بأن ’’التحمّل‘‘(ربما أهم مفهوم يمكننا إدراكه) هو أيضاً وفي حد ذاته مبدأٌ لضبط النفس.

د.د.: إن زمانيّة ضبط النفس هي التحمّل والتضحية، حيث يتم التفاعل مع الأخيرة كقوة نشطة للخَلق تقدّم للذوات الناشئة شكلاً من أشكال السيطرة على سقوطها المتلاشي. يكتب أرتو: ’’ لم أعد أرغب في أن أكون محكوم بالأوهام. / […] سئمت من هذه الحركة القمرية التي تجعلني أسمّي ما أرفضه وأرفض ما أسميته. / يجب أن أنهيها. […] / سوف أسقط في الفراغ […] ‘‘[4] إن هذا القطع مع الزمانيّة الخطية والتمثيل الغائي هو الذي يسمح بعبور القوى والتكتيكات المختلفة التي حدّدتَ معالمها سابقاً.

في النص ذاته، يتحدث أرتو عن النار. لقد كانت النار عنصراً متكرراً في قراءاتي هذا العام، كما لو كنت أصادفها باستمرار في الكتب والصور وأحداث الحياة الحقيقية. هناك شيء ما يتعلق بالنار والذي دائماً ما يُحدِث قطعاً مع كيفية إدراكنا لمستويات الحياة. في رواية هاينريش فون كلايست، يقوم بطل الرواية الرئيسي’’مايكل كولهاس‘‘ ، الذي يواجه الظلم، بإشعال كل ما يلفت نظره في نار مستعرة. بمجرد إدخال النار في الرواية، فإنها تبتلع كل شيء؛ بل إنها تحل مكان الاستعارات والأوصاف المرتبطة بوجدان كل من الشخصيات المختلفة. الكل يتكلم لغة النار. يصادف كولهاس إمرأة غجرية معروفة بنبوءاتها؛ توجّه نظرها إليه وتعطيه ورقة وتخبره أن الورقة ستنقذ حياته. عندما يُقبض عليه، يُحكم عليه بالإعدام، و قبل أن يُقطع رأسه مباشرة، يبتلع الورقة والسر الموجود بداخلها. ماذا يمكن أن تخبرنا النار عن ضبط النفس؟

ج.ب.م.: هذه خطوة أخيرة جميلة للرقصة— غالباً ما يدور فن تصميم الرقصات بحد ذاته حول التفاوض على الاتفاقية السرية بين ضبط النفس والحركة. وبالتالي، فإن تمهيدك هنا يتطلب منا أن نبقى برفقة عابدي النار القدامى، حيث يحرس كهنة اللهب الأبدي النار طوال الليل في المعابد لمنعها من الانطفاء (الأرق المقدس كضبط للنفس)؛ أو الجلوس في قوافل العرافين القدامى الذين قدموا أنفسهم كأوعية لتدفّقات قدرية، فيما يقرأون الجسيمات الحارقة للرسائل المضمّنة في كراتهم البلورية أو في الرماد المتناثر (الإلهام النبوئي كضبط للنفس)؛ أو الدراسة مع أول حرفيي الألعاب النارية الذين اكتشفوا قدرات التفاعلات الكيميائية القائمة بذاتها والطاردة للحرارة، والتي كانت عروض الألعاب النارية الخاصة بهم تلاعباً شبه إعجازي بالحرارة والضوء (التفجّر المذهل كضبط للنفس). أدركَت كل هذه المجموعات المختلفة أن زرع فتائل كبرى في العالم تتطلّب الصبر والحياد والضغط والسماح بالعد التنازلي. كانوا جميعاً يعلمون أن احتمالية سرقة القوة من اللانهائي تعتمد بشكل كامل، مثل أي سرقة بروميثيانية، على بساطة إيماءاتهم—الدقة والخفة وإخفاء الهوية وإرادة القيام بانتهاكات غير ملحوظة. فالمرء حذر دائما عند اللعب في النار.

ترجمة:إياد ريا 


.[1] درويش، محمود: مع الأسف، كانت الجنة. ترجمة، م.عكاش، س،فورش، س.انطون، أ. الزين. باركلي، س أ: جامعة كاليفورنيا للنشر، ٢٠٠٣. ص.٤

غادة السمّان، كوابيس بيروت، بيروت: منشورات غادة السمّان، ٢٠١٠، ص. ٧. [2]

      أدونيس، كتاب الحصار، حزيران ٨٢ – حزيران ٨٥، دار الآداب، ١٩٩٦، ص. ٣٧. [3]

 انطونان، ارتو، موت ابليس، وكتابات باطنية أخرى، ترجمة: اليستر هاملتون وفكتور كولتي، عن: كالدروبويارز،لندن، ١٩٧٤، صفحة. ٦٤. [4]